المبادرات الفردية والجماعية المؤازرة لجهات إنفاذ القانون في تصديها لتفشي وباء كورونا المستجد
ورقة موقف صادرة عن محامون من أجل العدالة بخصوص المبادرات الفردية والجماعية المؤازرة لجهات إنفاذ القانون في تصديها لتفشي وباء كورونا المستجد تنـظر محامـون من أجـل العدالة بقلـق إلـىٍ هذا التزايد المضطـرد في عـدد الحـالات المصابة بفيروس “COVID” المستجد والتي رصدت في الضفة الغربية، القـدس، وقطاع غـزة، مشيـدةً بالجهد الذي تبذله السـلطات المختصة للحد من تفشي هذه الجائحة؛ تلك الجائحة الجارية استدعت إصدار المرسوم الرئاسي رقم: (1) لسنة: (2020) بشأن إعلان حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثـلاثين يوماً وقد خـول رئيـس الوزراء بالصـلاحيات اللازمة للتصـدي لها. لحشد الموارد المتاحة، تنظيم الجهد وتوحيده، وتعزيز جودة التدخلات المتبناة، وبما له من صلاحيات، أصدر رئيس الوزراء قراره القاضي بتشكيل لجنة وطنية للطوارئ برئاسته وتضـم في عضويتها ممثلي السلطات والقطاعات ذات العلاقة بإدارة المرفق العـام وتقـديم الخدمات لأفراد المجتمع المحلي؛ إلى جانب تقديم خدمات الرعاية الصحية للمصابين في هذا الفيروس، ترتكز خطة الإنقاذ التي أعدتها هذه اللجنة على اتخاذ التدابير اللازمة للحد من تفشيه حيث ينتشر بين أفراد المجتمع المحلي عن طريق المفرزات التنفسية لاسيما وأن القطرات الناقلة للفيروس قد تبقى معلقة في الهواء لفترة من الزمـن قـبل أن تترسب علـى الأجسـام الصلبة لتستقر عليها لفترات متفاوتة أُخـرى؛ وعليه، أصدر رئيس الوزراء تعليماته للحد من التنقـل والتجمهر داخل المدن الفلسطينية، وقراها، إلا في حدود المسـموح المعلن عنه، عملاً بأحكام المادة رقم: (5) من المرسوم الرئاسي، والمادة رقم: (1) من القرار بقانون بشأن حالة الطوارئ لسنة: (2020)؛ الدّيموغرافيا الخاصة بأفراد المجتمع المحلي وتوزيع هؤلاء في الوحدات الجغرافية المختلفة على امتداد البلاد، عـوامل إضافية شكلت تحدٍ لجهات إنفاذ القانون المفوضة بتنفيذ التعليمات الصادرة عن رئيس الوزراء، مما استدعى الإيعاز إلى كـل محافظ في نطاق دائرة اختصاصه بتشكيل لجان فرعية من ممثلي السلطات والقطاعات ذات العلاقة بإدارة المرفق العام، تتبع لجنة الطوارئ الوطنية، وتتولى تنفيذ ما يصدر من تعليمات في سبيل التصدي لتلك الجائحة، وتنسيق العمل في الدائرة الواحدة، عملاً بأحكام المادة رقم: (1/7) من ذلك القرار بقانون. للـحد من التنقل والتجمهر في نطاق كل دائرة شيدت الحواجز وانتشـر أفراد المؤسسة الأمنية بشـكل متفاوت وفقا لتقسيمات المناطق الفلسطينية. إن الإجراءات التي يقـوم بها أفراد هذه المؤسسـة تصدر عنهم أثناء وجودهم على رأس عملهم وفي سياق المهام الوظيفية لكل منهم، وتقوم على أساس تقويد الحقوق والحريات التي كفلتها مرجعيات شرعة حقوق الإنسان في حدود القانون والحالة المعلن عنها والتي ندعو إلـى عدم المغـالاة فيها إذ أن هذه الإجراءات جاءت استثناءا على الأصل وقد يشوبها الانحراف والتعسف في استـعمال السلطة؛ إن المصـالح المتعارضة والتي أفردتها حالة الطوارئ المعلن عنها تستدعي الموازنة فيما بين الإجراءات الوقائية المتخذة والحقوق والحريات الخاصة بأفراد المجتمع المحلي وعلى وجه الخصوص حرمة الحياة الخاصة، السلامة الجسدية والنفسية، حماية الممتلكات والأعيان، الحرية، وسيادة القانون ومراعاة الأُصول القانونية، وأُولى ضمانات هذه الموازنة أن تصدر الإجراءات من ذي صفة – جهات إنفاذ القانون – وهنا نشير إلى أن أحكام كل من المرسوم الرئاسي والقرار بقانون والتشريعات الأُخرى النافذة قد أشارت إلى السلطات المفوضة بتنفيذهما – الرسمية – كما حددت الصلاحيات (الحقوق) والمسؤولية القانونية – الالتزامات الناشئة عنها، مما يوفر الحماية القانونية لطرفا هذه الإجراءات. وثـقت محامون من أجل العدالة مبـادرات فردية وجماعية لمؤازرة جهات إنفاذ القانون، وخاصة في المناطق (ب) – (ج) وإذ ندرك بأن هذا التحدي الوطني يستـلزم تكثيف الجهود وتفعيل المساهمات المجتمعية، إلا أننا نلفت الانتباه إلى أهمية تنظيم تلك المساهمات، وتقنينها ضمن لائحة تنفيذية و/أو تعليمات، حفاظاً على المكتسبات، وحماية لمصالح يرعاها القانون. مشـيرون في هذا السياق إلى أن أفعـالا قد أثمـها المشـرع صدرت عن بعض أفراد تلك المبادرات، فشكـلت خرقاً للحريات التي كفلتها سائر المرجعيات ومست بحقوق أصيلة مما استدعى قيام المسؤولية المدنية والجزائية بحق مرتكبيها. ننوه في محامون من أجل العدالة إلى أن تلك الأفعال وعلى شاكلتها قطع الطرق، والحيلولة دون وصول أفراد المجتمع المحلي إلى مقدمي الخدمات، الاعتداء على المركبات، والمساس بالسلامة الجسدية، حجز الحريات، الـذم والتحقيـر، وإتلاف الممتلكات العامة، وإزعـاج الآهلـين، وانتحـال الصفات، إنما هي أفعال صادرة وفقا للـتكييف القانوني عـن أشخاص فضـوليون لا تسبغ عليهم صفة الموظف الفعلي، ولا علاقة للجهاز الإداري بهؤلاء الذين يخضعون لقواعد المسؤولية المنصوص عليها في القانون الخاص انطلاقا من طبيعة العمل الذي يؤدوه وانتظامه من عدمه.