يأتي اليوم العالمي لحرية الصحافة هذا العام، ولا زالت تهمة “الذم الواقع على السلطة” محاولةً تنتهجها الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية لملاحقة العمل الصحفي، واعتقالهم، بسبب ممارسة عملهم الصحفي، وممارسة حقهم في إبداء الرأي والتعبير عنه، حتى لو كان معارضًا لسياسات السلطة الفلسطينية.

يحلّ هذا اليوم، وما زال الصحفيون علاء الريماوي وأنس حواري وعبد الرحمن ظاهر، يخوضون جلسات محاكمة مستمرة منذ أكثر من عامٍ على خلفية عملهم الصحفي والإعلامي، بعدما واجه الثلاثة اعتقالًا تعسفيًا في سجون الأجهزة الأمنية بعضهم امتد لأسابيع عديدة، وتهمتهم أنهم قاموا بما عليهم القيام به من منطلق صحفي، وبكلِ مهنية.

وبينما من الأجدر أن ندرس إمكانية منح الصحفيين حقهم في ممارسة عملهم بحرية، فإننا نقتربُ – وبكل أسف- من إقرار مشروع نظام ترخيص المؤسسات الإعلامية، الذي يمنح الحكومة صلاحياتٍ واسعة تتعارض مع مبدأ الحريات الإعلامية، وتزيد من رقعة التدخل السلطوي في العمل الصحفي، وتعارض القانون الأساسي الفلسطيني، سيّما المادة ٢٧ منه والتي تؤكد على حرية وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة وحرية الطباعة والنشر والتوزيع والبث، وحرية العاملين فيها، وحظر الرقابة على وسائل الإعلام، بحيث لا يجوز إنذارها أو وقفها أو مصادرتها أو إلغاؤها أو فرض قيود عليها إلا وفقاً للقانون بموجب حكم قضائي.

وفي الوقت ذاته، يعيش الصحفيون الفلسطينيون واقعًا مزدوجًا مليئًا بالانتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحقهم، في ظلِ تغييب ١٥ صحفيًا خلف قضبانه، والاعتداء على الصحفيين أثناء تغطياتهم، وكسر معداتهم الصحفية، ومنعهم من السفر، في محاولة لمنعٍ كلمتهم على الخروج، وكتم صوتهم عن آذان العالم أجمع. محاولات انتهاكات الاحتلال بحق الصحفيين، لم تقف على الحدود الجغرافية فحسب، بل امتدت إلى الفضاء الرقمي من خلال تعاونه مع إدارات مواقع التواصل الاجتماعي على حذف كل محتوى يشجب الاحتلال ويدينه، ويفضح من جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وتقييد وصول هذه الحسابات، بل وحذفها كليًا في أحيانٍ كثيرة.

وسط هذا كله، إننا في مجموعة محامون من أجل العدالة، ندين أي عملٍ أو ممارسة تحدّ من حرية الصحفي في عمله، وتحول دون ممارسة مهنته على الوجه الذي يكفله القانون الأساسي الفلسطيني، والاتفاقيات والمعاهدات التي أجمع عليه المجتمع الدولي، والتي منحت لصوتِ الصحفي حصانةً من كلِ ملاحقة.