مجلس القضاء الأعلى يباشر العمل بالتعديلات القانونية المتعلقة بأحكام الإجراءات المدنية والجزائية التي أقرها رئيس السلطة التنفيذية محمود عباس، في ظل تعطيل السلطة التشريعية منذ سنوات طويلة، وفي ظل تعطيل إجراء انتخاب تشكيل مجلس تشريعي قادر على القيام بدوره في تشكيل وتنظيم العملية التشريعية، للوصول إلى قوانين تحقق العدالة والإنصاف للناس.

تتابع مجموعة محامون من أجل العدالة بدء سريان جملة القوانين التي أقرها رئيس السلطة التنفيذية محمود عباس، رغم كل ما يعتريها من إشكاليات خاصةً ما يتصل منها بالشق الجزائي، جرى إقرارها من طرف السلطة التنفيذية وفق أحكام حالة الضرورة بسبب تعطيل عمل مجلس تشريعي، وفي ظل إجراءات تعرقل انتخاب مجلس تشريعي على ضوء قرار إلغائها الذي صدر في أواخر نيسان من العام الماضي. 

السلطة التنفيذية لم تكتفي بإلغاء الانتخابات التي انقطعت مدة تزيد عن خمسة عشر سنة نتيجة خلافات سياسية بين الفصائل والأحزاب السياسية الفلسطينية، بل مارست القمع والاعتقال السياسي على خلفية الانتماء وحرية الرأي والتعبير، وممارسة التعذيب في حالات عديدة موثقة.

ترى مجموعة محامون من أجل العدالة في هذه الإجراءات القمعية التي مارستها وتمارسها السلطة الفلسطينية منذ سنوات طويلة، من اعتقالات وقمع وملاحقات على خلفية انتقاد سياساتها الداخلية أو علاقتها مع سلطات الاحتلال؛ كمقدمة أسست لتقنين هذا القمع. 

لم تكتفِ السلطة التنفيذية بتأجيل إجراء الانتخابات العامة، أو حتى تحديد موعد جديد لاجراءها، بل أصبحت تكرس واقع جديد تسوء فيه حالة حقوق الإنسان مع جملة القوانين التي صدرت عنها خلال العامين الماضيين، بل أيضا ما سبق ذلك من إقرار “قانون الجرائم الإلكترونية” عام 2018 الذي يستخدم كسيف في عنق الحريات، وما لحق ذلك من إقرار قانون السلطة القضائية الجديد الذي يفقد القاضي هيبته واستقلاليته ويضعه تحت التجربة لمدة ثلاثة سنوات يكون خلالها تحت تأثير الرقابة غير المشروعة لمن يريد أن يكبل القضاء ويهدم مبادئ دستورية أقرها القانون الأساسي الفلسطيني.

وعليه تؤكد مجموعة محامون من أجل العدالة أن إقرار  التعديلات الجديدة على قانون الإجراءات الجزائية التي دخلت حيز النفاذ؛ تمس بشكل جوهري ضمانات المحاكمة العادلة التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني والاتفاقيات التي وقعت عليها السلطة الفلسطينية وأصبحت طرفاً فيها، وإذ تنظر المجموعة لهذه التعديلات باعتبارها جزء من سياسة تقنين القمع الذي تمارسه أجهزة السلطة التنفيذية في الوقت الذي تشتد فيه وتيرة هذا القمع. 

كما تؤكد المجموعة أن استمرار تدفق القوانين الصادرة عن رئيس السلطة التنفيذية، واستمرار العمل بهذه القوانين الجديدة واستمرار تعطيل إجراء انتخابات تشريعية نزيهة؛ يعزز حالة القمع السائدة ويلغي مبدأ استقلال القضاء والفصل بين السلطات دون أي رقابة أو محاسبة على جرائم كثيرة ترتكب باسم القانون.