بيان صادر عن مجموعة محامون من أجل العدالة بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب

يصادف اليوم، 26 يونيو 2025، اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا التعذيب. يأتي هذا اليوم في وقتٍ ما زالت فيه جريمة الإبادة الجماعية ضد السكان المدنيين في قطاع غزة مستمرة للعام الثاني على التوالي، مع استمرار الهجمة الاستيطانية ضد مدن وقرى الضفة الغربية المحتلة. وبهذه المناسبة، يتم إعادة تسليط الضوء على جرائم التعذيب التي يتعرض لها مئات الأشخاص سنويًا، وخاصة الأسرى والمعتقلين الذين خاضوا تجربة الاعتقال، والتي غالبًا ما تكون مصحوبة بتعرضهم للتعذيب الجسدي والنفسي، وفي هذا السياق، تشير المجموعة إلى التصاعد الخطير في استخدام أساليب التعذيب الجسدي والنفسي بحق الأسرى الفلسطينيين، لاسيما أولئك الذين تعرضوا للاعتقال من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر 2023. فقد تم توثيق العديد من الشهادات المباشرة لأسرى فلسطينيين أفادوا بتعرضهم لتعذيب جسدي ونفسي غير مسبوق، بدءًا من لحظة الاعتقال ومرورًا بمرحلة التحقيق، وحتى خلال فترات احتجازهم داخل السجون أو مراكز الاعتقال المؤقتة، وذلك وفقًا لشهادات موثقة ممن أُفرج عنهم مؤخرًا. إلى جانب ذلك، يعاني الأسرى من سوء معاملة ممنهجة تمثلت في الإهمال الطبي، الحرمان من الحقوق الأساسية، والظروف القاسية التي ترقى إلى مستوى المعاملة اللاإنسانية والمهينة، وقد أعلنت المؤسسات الحقوقية خلال العامين الماضيين عن استشهاد ما يقارب 65 أسيرًا فلسطينيًا داخل سجون الاحتلال، من بينهم نحو 40 أسيرًا من قطاع غزة و25 أسيرًا من الضفة الغربية. وتؤكد المجموعة أن هذه الأرقام تبقى تقديرية، في ظل استمرار الاحتلال في سياسة التعتيم الإعلامي ورفضه تقديم معلومات دقيقة حول مصير مئات المعتقلين، لا سيما من أبناء قطاع غزة، الذين ما يزال مصير العديد منهم مجهولًا. وتشمل هذه الحالات من استُشهدوا نتيجة التعذيب وسوء المعاملة، أو أولئك الذين تعرضوا لعمليات إعدام ميداني بعد الاعتقال، وهذا يحتّم التدخل الفوري لوقف هذه الجرائم ومحاسبة المجرمين لضمان تحقيق العدالة للضحايا. التعذيب في سجون السلطة الفلسطينية رغم مصادقة السلطة الفلسطينية على اتفاقية مناهضة التعذيب وإصدارها القرار بقانون رقم 25 لسنة 2023، إلا أن السنوات الأخيرة، وخصوصًا منذ عام 2023، شهدت استمرارًا مقلقًا في ممارسات التعذيب داخل مراكز التوقيف التابعة للأجهزة الأمنية الفلسطينية. فقد تم توثيق عشرات الحالات التي تعرّض فيها موقوفون لتعذيب جسدي ونفسي أثناء الاعتقال أو خلال فترات احتجازهم، بما في ذلك الضرب المبرح، الشبح، الإهانات، والحرمان من الرعاية الطبية. كما لا تزال العديد من القضايا المتعلقة بالتعذيب قيد المتابعة أمام المحاكم الفلسطينية، دون أن تُفضي إلى محاسبة أو مساءلة فعلية للمسؤولين عن هذه الانتهاكات. وتشير الوقائع إلى وجود فجوة خطيرة بين الالتزامات القانونية التي تعهدت بها السلطة الفلسطينية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، وبين الممارسة الفعلية على أرض الواقع، حيث يغيب تطبيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وتُفتقر الإجراءات القضائية إلى الفعالية والاستقلالية اللازمة لضمان العدالة للضحايا. هذا الوضع يكرّس حالة من التواطؤ والصمت الرسمي، ويقوّض ثقة المواطنين بجهاز العدالة ويشكل تهديدًا خطيرًا لحقوق الإنسان وسيادة القانون في الأراضي الفلسطينية. وبهذه المناسبة، تؤكد مجموعة “محامون من أجل العدالة” على أهمية احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وفي مقدّمتها الحق في المعاملة الإنسانية، ورفض التعذيب تحت أي ظرفٍ أو مبرّر.وتشدّد المجموعة على أن هذا الالتزام يستوجب من الجهات الرسمية تفعيل الأدوات القانونية والإجرائية الكفيلة بمساءلة ومحاسبة كل من يثبت تورطه في جريمة التعذيب، وتقديمهم إلى العدالة، انسجامًا مع أحكام القانون الأساسي الفلسطيني، والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين، وعلى رأسها اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. إن الإبقاء على هذه الانتهاكات دون محاسبة يُفرغ القوانين من مضمونها، ويحوّل النصوص إلى مجرد التزامات نظرية لا تجد طريقها إلى التطبيق، ما يكرّس ثقافة الإفلات من العقاب ويقوّض أسس العدالة وسيادة القانون. إن تحقيق العدالة للضحايا، وملاحقة المسؤولين عن جرائم التعذيب ومحاسبتهم، هو حجر الزاوية في بناء منظومة قانونية تُحترم فيها الكرامة الإنسانية وتُصان فيها الحقوق والحريات. الى هنا محامون من اجل العدالة حرر في 26-06-2025