إن ميلاد السلطة الوطنية الفلسطينية على أرض فلسطين، وُلد من رحم الكفاح الوطني الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ويُعبر عن التضحيات فداءً لترسيخ الحقوق الوطنية الثابتة، المتمثلة في حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة؛ الذي قدم خلاله الشعب الفلسطيني آلاف الشهداء والجرحى والأسرى من خيرة أبنائه.
وانطلاقًا من هذه الشرعية الوطنية والتاريخية، أقر القانون الأساسي الفلسطيني باعتباره المرجعية الدستورية الناظمة للحياة السياسية والقانونية الفلسطينية، حيث نص في المادة (115) من الباب الثامن منه على: “يعمل بأحكام هذا القانون الأساسي مدة المرحلة الانتقالية ويمكن تمديد العمل به إلى حين دخول الدستور الجديد للدولة الفلسطينية حيز التنفيذ.”
وبالتالي فإن أي محاولة لتجاوزه أو استبداله عبر مراسيم رئاسية ولجان معينة، يُمثل مخالفة صريحة لهذه القاعدة الدستورية
أولا: الإشكاليات الدستورية والقانونية
- مخالفة نص المادة (115) التي تؤكد استمرارية العمل بالقانون الأساسي –المرجعية- إلى حين صياغة دستور جديد للدولة الفلسطينية بآلية وطنية توافقية، وليس بقرار منفرد.
- تجاوز التضحيات الوطنية التي أكدت عليها ديباجة القانون الاساسي والتي تعتبر جزءاً لا يتجزأ منه، باعتبار أن القانون الأساسي ليس مجرد وثيقة قانونية، بل هو نتاج كفاح الشعب الفلسطيني وتضحياته.
- انتهاك مبدأ المشاركة الوطنية، إذ إن الدستور لا يمكن صياغته إلا عبر عملية ديمقراطية شاملة يعبر عنها صندوق الإقتراع وتشمل مشاركة مؤسسات المجتمع المدني، النقابات، القوى السياسية.
ثانياً: التأكيد على الحقوق والحريات
يكرس الباب الثاني من القانون الأساسي (المواد 9–33) جملة من الحقوق والحريات الأساسية التي تمثل حجر الأساس لأي نظام ديمقراطي: المساواة، الحرية الشخصية، الحق في المحاكمة العادلة، منع التعذيب، حرية الرأي والتعبير، حرية التنقل، الحق في التعليم والعمل، الحق في التنظيم النقابي والسياسي، وحرية الإعلام، إلى جانب حقوق اجتماعية واقتصادية وإنسانية أخرى.
هذه الحقوق ملزمة وواجبة الاحترام بنص القانون الأساسي، ولا يجوز الانتقاص منها أو إعادة صياغتها بشكل انفرادي يهدد جوهرها.
ثالثاً: التداعيات الوطنية والسياسية
- تعميق الشرخ والانقسام السياسي في حال فرض دستور مؤقت دون توافق والواقع الوطني والسياسي القائم، ما يجعله نظرياً ومنفصل عن الواقع العملي، وغير قابل للتطبيق في نهاية المطاف.
- الإضرار بشرعية فلسطين الدولية عبر تكريس ممارسات أحادية تقوض الديمقراطية.
- المساس بالحقوق الوطنية والتاريخية التي أكدها القانون الأساسي وديباجته الملزمة.
رابعاً: التوصيات
- إلغاء المرسوم الرئاسي الخاص بتشكيل لجنة صياغة دستور مؤقت.
- التمسك بالقانون الأساسي الفلسطيني النافذ باعتباره المرجعية الدستورية حتى صياغة دستور جديد وفق آلية وطنية وديمقراطية.
- فتح حوار وطني شامل يضم مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان والنقابات والحراكات الشعبية لضمان مشاركة مجتمعية حقيقية في أي عملية دستورية.
- إجراء انتخابات عامة تشريعية ورئاسية لتجديد الشرعيات وتعزيز النظام الديمقراطي.
- التأكيد على الالتزام بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان بما يضمن احترام وضمان الحقوق والحريات الأساسية للشعب الفلسطيني.
إلى هنا
محامون من أجل العدالة
23.أب.2025